زمان الوصل دراسات في التفاعل الحضارية والثقافي في الأندلس لـ د صلاح جرار
شهدت الأندلس إبان الحكم العربي الإسلامي لها صورا من التمازج الحضاري والتفاعل الثقافي والتبادل اللغوي ما عز نظيره في ذلك الزمن الغابر حتى وجدنا قوافل العلماء من العرب والأوربيين على حد سواء تتنقل عبر حدود الدول الأوروبية والأندلسية حاملة الكتب والمخطوطات قاصدة مجالس العلم والفكر والمناظرة في طليطلة ومرسية وقرطبة وحتى القسطنطينية ووجدنا التزاوج بين الأندلسيين والروم من الإسبان والفرنسيين وغيرهم يصل مداه حين تعج قصور ملوك الأندلس وبيوت الأندلسيين بنساء ورجال لا يستطيع المرء أن يميز بين من كان منهم أوروبيا ومن كان عربيا حتى قيل إن خلفاء بني أمية في الأندلس كان معظمهم بيضا شقرا زرق العيون نزوعا إلى أمهاتهم الإسبانيات ولقد كان من المشاهد المألوفة أن يجالس كبار فقهاء الأندلس المسلمين كبار رجال الدين المسيحي واليهودي ويناظرونهم ويتخذوهم أصدقاء حتى شهر بذلك عدد من الفقهاء المسلمين مثل ابن بعضهم بعضا أحيانا باللاتينية في مجلس الحكم؛ ولم يتورع مسلمو الأندلس عن الاحتفال بأعياد المسيحيين حتى بلغوا في ذلك مقدارا تجاوزوا فيه المسيحيين أنفسهم إنها الأندلس ملتقى الثقافات والأم التي استطاعت بتفاعلها وانصهارها أن تنشئ حضارة ما زال وميضها يأخذ بالألباب حتى اليوم