هولاكو الأمير السفاح
مقدمة المؤلف
هو الكتاب الثاني لي عن إمبراطوريات المغول أختص به دولة التتار التي أسسها جنكيز خان
ولكن لكي نتكلم عن التتار لابد في البداية أن نتكلم عن الدول الإسلامية المجاورة لتلك البقعة التي انبثت منه هذه الفئة من البشر التي علت في الأرض فهاجت وماجت واكتسحت أمامها القوي والضعيف من بلاد العلم الإسلامي وغيره حتى وصلت آسيا الصغرى وحاربت بايازيد الأول أحد أهم ملوك العثمانيين فأسرته واحتلت بلاده ولو أرادوا لأخذوا أوربا بأثرها ولغيروا تاريخ وخريطة العالم بأثره
فبينما كانت الدولة الإسلامية في أشد أوقات تشرذمها واقتتال أهلها مع بعضهم البعض طمعا في الحكم وغفلة عن الدين ظهر أمر تلك الشعوب المغولية فانتشرت وتطورت وأرعدت وسادت في زمن قياسي ليس بالقصير ولكنه بالنسبة لم تحقق من سيطرتها وتملكها لتلك المساحات الشاسعة من العالم وما وقع من تخريب ودمار يعد في عمر الزمان قصير
وكما تخالفت الأسباب لظهورهم فقد جاء نفاذ أمرهم وذهاب أسطورتهم على يد مملوك من مصر أخلص النية هو ورجاله لله فكانوا سببا في عتق العالم من هذا التوسونامي البشري المخرب لقد توقف زحف المغول وذهب الروع عن العالم بتوفيق الله لهذه الفئة الصادقة التي تكاتفت من أجل الذب عن دينها وعرضها وأهلها فكسروا تلك الشوكة الحادة التي كسحت أمامها الأخضر واليابس وما راعت حرمة ولا دين وما تركت صغيرا ولا كبيرا ولا رجل ولا امرأة ولا طفل لقد وصفها الكتاب والمؤرخون بكل نقيصة وهي أهلا لذلك وكان الزمان يسمح بذلك وكانت الظروف كلها مواتية لأفعالهم ففعلوه ولم يتوانوا
لقد كانت الهجمة التتارية على العالم الإسلامي خاصة ابتلاء من الله على تفرقهم وشرذمتهم وقتل بعضهم بعضا وسعي كل واحد من الأمراء لاستفراغ ما في إناء أخيه ولو بسفك دمه فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبه الرعب فكان الواحد منهم يسلم نفسه ويستسلم دون مقاومة أو طمعا في رشوة قائد هؤلاء الغزاة الذين لم يكن لهم بقاء على من استسلم أو قاوم لقد أتوا على الصغير قبل الكبير وعلى النساء قبل الرجال وهدموا البيوت وقطعوا الأشجار والزروع لقد أرادوها بقدر الله خرابا وعبرة والحكمة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد