لقاء فى بغداد
تبدأ الرّواية بخروج الكابتن كروسبي من أحد المصارف والشّارع الّذي كان فيه الكابتن كروسبي يدعى بشارع البنوك في وسط العاصمة بغداد لأنّ أغلب بنوك المدينة تقع فيه وكان في داخل البنك شئ من البرودة والعتمة أو بالأحرى شئ من العفونة وكانت ضربات عدد كبير من الآلات الكاتبة تتعالى في خلفيته أمّا في خارجه فقد كانت الشّمس حارّة وكان الغبار المتطاير يملأ شارع البنوك وكانت الضّوضاء فيه شديدة متنوعة المصادر أصوات المنبهات الملحّة وصياح باعة السّلع المختلفة وكان هناك مشاجرات حامية بين أعداد من النّاس يبدو عليهم أن بعضهم على وشك قتل البعض الآخر ولكنهم كانوا في الحقيقة أصدقاء أحبّاء وأعداد من الرّجال والصّبيان والأطفال يبيعون كلّ أنواع النباتات والحلويات والبرتقال والموز والمِنشفات والأمشاط وأمواس الحلاقة وسلع أخرى يدورون بها في الشوارع على صواني وكان هناك أيضاً أصوات تنحنح النّاس المستمر وبصاقهم ويعلو فوق ذلك كلّه عويل سوّاق الحمير والخيل المقهور المرتفع النّبرات في وسط هدير السّيّارات وصياح المشاة بالك بالك Balek Balek لقد كانت السّاعة الحادية عشرة صباحاً في مدينة بغداد ولقد أوقف الكابتن كروسبي صبياً كان يركض بسرعة وعلى ذراعه حمولة جرائد واشترى واحدة منها وبعد أن خرج من شارع البنك دخل في شارع الرّشيد وهو شارع بغداد الرّئيسي يخترقها على مدى أربعة مايلات ستّ كيلومترات ونصف تقريباً محاذياً نهر دجلة وألقى الكابتن كروسبي نظرات سريعة على عناوين أخبار الجريدة ووضعها تحت إبطه وبعد أن سار حوالي مائتي ياردة 183 متراً تقريباً إستدار ليدخل في درب ضيّق يفضي إلى خان أو حوش كان في جانبه المقابل باب عليه لافتة نحاسية دفعه فانفتح داخلاً في مكتب ونهض موظف شاب عراقي طويل نظيف ومهندم من وراء آلته الكاتبة واتجه نحوه مبتسماً مرحّباً