كيف نقرأ القرآن ؟: مع على عزت بيجوفيتش
كم من المسلمين فى هذا العالم لايقرأون القرآن وكم منهم يقرؤه بدون محاولة لفهمه وكم منهم إذا فهم معانى الكلمات يقرأ القرآن ولكن بدون تدبّر حقيقي ولا استيعاب وكم منهم قد يفهم ويعى مايقرأ ويجتهد فى الاستيعاب ولكنه لا يحرك ساكنا نحو تطبيق القرآن فى حياته عن هذه المشكلة المعقّدة يتحدث على عزت بيجوفيتش من واقع خبرته الشخصية وتأمّلاته فى القرآن كانت مشكلة فهم معانى القرآن ومقاصده حاضرة فى عقل العالم الشيخ محمد الغزالى وهو يضع كتاب نحو تفسير موضوعى لسور القرآن الكريم وكتابه المحاور الخمسة للقرآن الكريم و كتابه نظرات فى القرآن كذلك كانت هذه المشكلة حاضرة فى ذهن العالم الشيخ يوسف القرضاوى فى كثير من كتبه ومنها كتاب كيف نتعامل مع القرآن العظيم و كتاب تفسير سورة الرعد وكتاب العقل والعلم فى القرآن وكتاب المرجعية العليا فى الإسلام للقرآن والسنة ضوابط ومحاذير فى الفهم والتفسير لم يكن أيّ من هذه الكتب موجودا أمام على عزت بيجوفيتش عندما شرع يكتب عن هذه المشكلة فى مايو سنة 1977ولم تكن قد تم تأليفها ونشرها بعد ولكنه أدرك المشكلة وعاناها وفكر فيها بالتأكيد قبل هذا التاريخ ولسنا نتوقع أن يأتي بشيئ جديد يمكن أن يضاف إلى ما قاله كلّ من الشّيْخين الجليلين لكن الجديد فيها ربما هو أنه يكتب من واقع تجربته الشخصية وتأمّلاته الخاصة فى القرآن الكريم فهو يعترف بأنه قرأ القرآن مرّات ومرّات ولكنه لم يتساءل من قبل كيف ينبغى عليه أن يقرأ القرآن ولا بد أنه أدرك أن هذه ليست مشكلته وحده بل مشكلة الكثيرين من أمثاله ممن يتعاملون مع القرآن ومن ثم رأى أن يكتب ليشرك الآخرين فيما توصّل إليه من أفكار وخواطر حول هذا الموضوع وفى ذلك كتب مبتدئا بتوجيه النظر إلى حقيقة محورية هى من أخصّ خصائص القرآن قال يجب أن نضع نصب أعيننا قبل كل شئ أن القرآن الكريم كلًٌّ لا يتجزأ وكل آية فيه إذا أُخذت منفردة أو مُنتزعة من السياق العام لا تقدّم حقاً كاملاً بل تقدم جزءاً من الحق فنحن لايمكن أن نعرف الحق كاملا إلا إذا أخذنا القرآن كاملا ً أما سرد بعض الآيات منفردة وهو أمر لا مفرّ منه فى الدرس أو الإستشهاد أو فى أى تعامل آخر مع القرآن فلا بد أن يُفهم على خلفية فهمنا الكامل لمجمل القرآن فالأمر هنا شبيه بلوحة الفسيفساء كل قطعة فيها يتوقف معناها وقيمتها الجمالية على ما تعنيه في انسجامها مع بقية قطع اللوحة الكاملة أما إذا أخذنا كل قطعة بمفردها فإنها لا تقدم إلا جزءاً أو لا تقدم شيئاً حقيقيا من جمال اللوحة الكاملة