كتاب السياسة المدنية الملقب بمبادئ الموجودات
إن أول ما ينتبه له القارئ الناظر في كثير من مؤلفات الفارابي السياسية وفي الكتاب الذي بين أيدينا بشكل خاص أنها تصانيف في العلم المدني كما هي في الوقت نفسه رسائل تبحث في العلم الإلهي فهو يمزج بين الجانبين كما سيلاحظ القارئ وتنبع أهمية هذا الكتاب ليس فقط لأنه آخر ما صنف الفارابي بل أيضا طبيعة الموضوعات والمحاور التي يبحث فيها ويناقشها وكذلك الطريقة التي اتبعها والتي توصلنا بشكل مباشر وصريح إلى غرضه الفلسفي الأخير ولم تخف أهمية الكتاب على المترجمين والعلماء في العصور التالية حيث يقال أن للفارابي في العلم الإلهي وفي العلم المدني كتابان لا نظير لها أحدهما المعروف بالسياسة المدنية وهو الكتاب الذي بين أيدينا والآخر المعروف بالسيرة الفاضلة وقد عرف الفارابي فيهما بجمل كثيرة من العلم الإلهي على مذهب أرسطاطاليس في المبادئ الستة الروحانية وكيف تؤخذ عنها الجواهر الجسمانية على ما هي عليه من النظام وإتصال الحكمة وعرف فيما بمراتب الإنسان وقواه النفسانية وفرق بين الوحي والفلسفة ووصف أصناف المدن الفاضلة وغير الفاضلة وإحتياج المدينة إلى السير الملكية والنواميس النبوية