فيزياء الحزن
في الماضي كنت قادرًا على التقمص الوجداني والآن من الضروري أنا أقوم بشراء الحكايات ويمكنني تقديم نفسي إليكم هكذا أنا الرجل الذي أشترى الماضي تاجر الحكايات الآخرون يتاجرون في الشاى الكزبرة الأسهم الساعات الذهبية الأرض وأنا أمشي وأشتري الماضي بالجملة سموني كما تحبون جدوا لي اسمًا من يملكون الأرض هم ملاك الأرض وأنا مالك الزمن مالك زمن الغرباء صاحب حكايات الغرباء وماضي الغرباء إني مشتر محترم ولا أخفض السعر أبدًا ولا أشتري إلا الماضي الخاص ماضي أناس معينين مرة حاولوا أنا يبيعوا لي ماضي دولة ورفضت قبل خمسة أعوام نشرت مجلة «الايكونومست» البريطانية تحقيقا عن «جغرافيا السعادة» وكانت بلغاريا بموجبه واحداً من أكثر البلدان بؤسا في العالم وبعد ما يقرب العام رد الكاتب البلغاري جورجي غوسبودينوف على ذلك التحقيق بتأليف روايته «فيزياء الحزن» وفيها يحكي عن وطنه الحزين وعن عذاباته الشخصية وتوقه إلى أحلام لن تتحقق أبدا تارة لأسباب خاصة وأخرى لظروف سياسية واقتصادية للرواية مذاق خاص يثير شهية القارئ على الرغم من امتدادها على 340 صفحة من القطع المتوسط فهي لا تعتمد الحبكة النمطية ولا أسلوب السرد التقليدي بل تنتمي إلى تيار الوعي وتقوم على تقنية التداعي والتقطيع المشهدي إذ يضع الكاتب شظايا ذاكرته في جمل شعرية مقتضبة وفقرات قصيرة تؤلف مشهدا كثيفا مترامي الأطراف شديد الإيجاز يحمل عنوانه المستقل ينفصل عن سواه بموضوعه القائم بذاته ويتصل مع باقي المشاهد بالمناخ الروائي العام وبطريقة اللعب بالمفردات