سلسلة إبداعات يافعة1، قطوف شتى

1  

لَيْسَ المُرَادُ مِنْ طَالِبٍ دُونَ السَّادِسةَ عَشْرةَ مِنْ عُمْرِهِ أَنْ يَبْتَدِعَ فِي الفِيزِيَاءِ نَظَرِيَّةً جَدِيدَةً أَوْ أَنْ يَكْتَشِفَ عُنْصُرًا فِي الكِيمِيَاءِ أَوْ يَخْتَرِعَ فَرْعًا حديثاً فِي الرِّيَاضِيَّاتِ أَوْ أَنْ يُنْشِئَ دِيوَانًا مِنْ شَعْرٍ أَوْ يَكْتُبَ كِتَابًا مُبْتَدَعًا فِي الفِقْهِ أَوْ اللُّغَةِ أَوْ السِّيَاسَةِ أَوْ الاِجْتِمَاعِ أَوْ الاِقْتِصَادِ أَوْ الصِّحَافَة أَوْ التَّارِيخ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَكُلُّ ذَلِكَ لَا تُحْدِثُهُ الجَامِعَاتُ عَلَى كَثْرَةِ طُلَّابِهَا وَأَسَاتِذَتِهَا
إِذًا فَمَا الغَايَةُ مِنْ هَذِهِ القطوف إِنَّهَا غَايَاتٌ لَا غَايَةٌ
الأُولَى كَسْرُ النَّمَطِ فِي حَيَاةِ هَؤُلَاءِ الفِتْيَانِ فَالإِبْدَاعُ فِي أَبْسَطِ تَعْرِيفِهِ هُوَ كَسْرُ النَّمَطِ المأْلُوف وَاِسْتِحْدَاثُ فِعْلٍ جَدِيدٍ يُثِيرُ فِي النَّفْسِ مِنْ الدَّهْشَةِ مَا يُثِيرُهُ المَشْهَدُ الَّذِي تَرَاهُ لِأَوَّلِ مَرَّةٍ
الثَّانِيَةُ تَعْلِيمُهِمْ الجُرْأَةَ عَلَى النَّشْرِ وَلَا أَقْصِدُ النَّشْرَ الأَدَبِيَّ وَإِنَّمَا كُلَّ نَشْرٍ عِلْمِيًا كَانَ أَمْ أدبيًا فَاليَوْمَ قِيَاسًا إِلَى حَدَاثَةِ أَعْمَارِهِمْ قَدْ نَشَرُوا نُصُوصًا مِنْ الخَوَاطِرِ الأَدَبِيَّة وَغَدًا فِي قَابِلِ مُسْتَقْبَلِهِمْ قَدْ يَنْشُرُ أَحَدُهُمْ أَوْ أَكْثَرُ إِحْدَى تِلْكَ المَعَارِفِ الَّتِي تَقَدَّمتْ بَيْنَ يَدَيْ القطوف فَإنِِّي مِنْ تَجْرِبَتِي الطَّوِيلَةِ مَعَ الجَامِعَاتِ وَمعَ المُؤَسَّسَاتِ الَّتِي يُفْتَرَضُ أَنَّهَا تَدْعَمُ إِنْتَاجَ العِلْمِ أَعْلَمُ أَنَّ المُشْكِلَةَ فِي عَدَمِ إنِتَاجِ العِلْمِ فِي جَامِعَاتِنَا لَيْسَ فِي اِنْعِدَامِ القُدْرَةِ وَلَكِنَّهَا فِي اِنْعِدَامِ الجُرْأَةِ عَلَى مُخَالَفَةِ الرَّأْيِ السَّائِدِ وَإِنْشَاءِ رَأْيٍ جَدِيدٍ
الثَّالِثَةُ ذِكْرَى وَلَا يَعْرِفُ الذِّكْرَى إِلَّا مَنْ اِشْتَاقَ إِلَيْهَا وَاليَوْمَ لَا آمُلُ كَثِيرًا مِنْ هَؤُلَاءِ الفِتْيَانِ مَعْرِفَةَ هَذِهِ الغَايَةِ فَأَيَّامُ المَدْرَسَةِ ثَقِيلَةٌ حِينَمَا تَكَون فَإِذَا مَضَتِ السُّنُون وَصَارَتْ ذِكْرَى قَبْلَ عِشْرِينَ عَامًا أَوْ ثَلَاثِينَ أَوْ أَكْثَر صَارَتْ جَمِيلَةً إِلَى النَّفْسِ مُؤنِسةً فِي الذَّاكِرَةِ مُدْهِشَةً فِي الاِعْتِبَارِ أحقًّا قَدْ مَضَى ذَلِكَ الصَّغِيرُ وَلَنْ يَعُودَ br

إسم القسم: .
إسم الكاتب: .
دار النشر: .
سنة النشر: .