سرجون الاكدي أول امبراطور في العالم لـ دفوزي رشيد
على الرغم من أن العالم أجمع معجب بعظمة ورقي الحضارة التي بناها سكان بلاد وادي الرافدين ولكننا مع ذلك لم نعط لأبطالها البارزين المكانة اللائقة التي يستحقونها بكل جدارة للإنجازات العظيمة التي قدموها فلو قرأنا على سبيل المثال أي كتاب عن الاسكندر المقدوني فسوف يتبادر إلى ذهننا في الحال بأن هذا الإنسان كان خارقا ولا يمكن للتاريخ القديم أن ينجب مثيلا له غير أن الواقع يؤكد أن العراق القديم قد أنجب سلسلة من القادة الأبطال الذين لا يقلون عن الاسكندر في الأهمية بل ويتفوقون عليه بقدم الفترة التي ظهروا فيها حيث اننا لو عملنا أية مقارنة بين الملك سرجون الاكدي أول امبراطور في التاريخ وبين الاسكندر المقدوني فسوف يبدو لنا واضحا تماما بأن الاسكندر قد تعلم الكثير من إنجازات الملك سرجون ومن حفيده نرام سين وذلك من المعلومات التي حصل عليها عنهما في بابل حيث إن السياسة التي انتهجها الاسكندر المقدوني والأوصاف التي أضفاها على نفسه متأثرة كليا بسياسة الملك سرجون الأكدي زحفيده الملك نرام سين وصفحات هذا الكتاب خير شاهد على ما نقول والحقيقة أن الملك سرجون لم يكن قائدا عسكريا فحسب وانما كان قائدا سياسيا واقتصاديا من الدرجة التي تثير الإعجاب حيث إنه لم يؤسس أول إمبراطورية في التاريخ فقط وإنما أحدث انقلابا في العلاقات التجارية آنذاك حيث جعل المستحيل ممكنا وخير شاهد على هذه الحقيقة هي تجارته مع بلاد الأناضول حيث ان المعلومات المتوفرة تؤكد عدم إمكانية التجارة البرية بالتعامل مع المواد الثقيلة الوزن لأن كلفة الغذاء الذي يصرف على إطعام الحيوانات الناقلة للبضائع والأشخاص المرافقين للقافلة التجارية قد تساوي ثمن البضاعة المنقولة ولهذا فقد اقتصرت التجارة البرية منذ أقدم الأزمان وحتى ظهور وسائط النقل الحديثة على المتاجرين بالمواد الخفيفة الوزن والغالية الثمن مثل الذهب والفضة والأحجار الكريمة والعطور والتوابل ومع هذه الحقيقة فإن الملك سرجون الأكدي قد جعل من التجارة البرية في زمنه تستطيع أن تتعامل مع المواد الثقيلة نسبيا وتحقيق الأرباح المشجعة في الوقت نفسه والمعلومات المطروحة في هذا الكتاب عن تجارته مع آسيا الصغرى تقدم البرهان الواضح على هذه الحقيقة التي لا تنكر