ديوان في القدس

4  

ديوان في القدس – تميم البرغوثي يا كاتب التاريخ ماذا جدَّ فاستثنيتنا يا شيخ فلتعد القراءة والكتابة مرة أخرى أراك لحنت العين تغمض ثم تنظر سائق السيارة الصفراء مال بنا شمالا نائيا عن بابها والقدس صارت خلفنا والعين تبصرها بمرآة اليمين تغيرت ألوانها في الشمس من قبل الغياب إذ فاجأتني بسمة لم أدر كيف تسللت في الدمع قالت لي وقد أمعنت ما أمعنت يا أيها الباكي وراء السور أحمق أنت أجننت لا تبك عينك أيها المنسي من متن الكتاب لا تبك عينك أيها العربي واعلم أنه في القدس من في القدس لكن لا أرى في القدس إلا أنت فعلا من اجمل القصائد اللى اتكتبت عن القدس مَرَرْنا عَلى دارِ الحبيب فرَدَّنا عَنِ الدارِ قانونُ الأعادي وسورُها فَقُلْتُ لنفسي رُبما هِيَ نِعْمَةٌ فماذا تَرَى في القدسِ حينَ تَزُورُها تَرَى كُلَّ ما لا تستطيعُ احتِمالَهُ إذا ما بَدَتْ من جَانِبِ الدَّرْبِ دورُها وما كلُّ نفسٍ حينَ تَلْقَى حَبِيبَها تُسَرُّ ولا كُلُّ الغِيابِ يُضِيرُها فإن سرَّها قبلَ الفِراقِ لِقاؤُه فليسَ بمأمونٍ عليها سرُورُها متى تُبْصِرِ القدسَ العتيقةَ مَرَّةً فسوفَ تراها العَيْنُ حَيْثُ تُدِيرُها *** في القدس تنتظمُ القبورُ كأنهنَّ سطورُ تاريخِ المدينةِ والكتابُ ترابُها الكل مرُّوا من هُنا فالقدسُ تقبلُ من أتاها كافراً أو مؤمنا أُمرر بها واقرأ شواهدَها بكلِّ لغاتِ أهلِ الأرضِ فيها الزنجُ والإفرنجُ والقِفْجَاقُ والصِّقْلابُ والبُشْنَاقُ والتتارُ والأتراكُ أهلُ الله والهلاك والفقراءُ والملاك والفجارُ والنساكُ فيها كلُّ من وطئَ الثَّرى *** كانوا الهوامشَ في الكتابِ فأصبحوا نَصَّ المدينةِ قبلنا يا كاتب التاريخِ ماذا جَدَّ فاستثنيتنا يا شيخُ فلتُعِدِ الكتابةَ والقراءةَ مرةً أخرى أراك لَحَنْتْ العين تُغْمِضُ ثمَّ تنظُرُ سائقُ السيارةِ الصفراءِ مالَ بنا شَمالاً نائياً عن بابها والقدس صارت خلفنا والعينُ تبصرُها بمرآةِ اليمينِ تَغَيَّرَتْ ألوانُها في الشمسِ مِنْ قبلِ الغيابْ إذ فاجَأَتْني بسمةٌ لم أدْرِ كيفَ تَسَلَّلَتْ للوَجْهِ قالت لي وقد أَمْعَنْتُ ما أَمْعنْتْ يا أيها الباكي وراءَ السورِ أحمقُ أَنْتْ أَجُنِنْتْ لا تبكِ عينُالله أيها المنسيُّ من متنِ الكتابْ لا تبكِ عينُالله أيها العَرَبِيُّ واعلمْ أنَّهُ في القدسِ من في القدسِ لكنْ لا أَرَى في القدسِ إلا أَنْت  

إسم القسم: .
إسم الكاتب: .
دار النشر: .
سنة النشر: .