تفسير التوراة بالعربية: تاريخ ترجمات أسفار اليهود المقدسة ودوافعها

0  

يعد سعديا الفيومى أحد أهم فلاسفة اليهود خلال العصر الإسلامى عامة والقرن الثالث الهجرى على وجه الخصوص وفى الكتاب الذى بين أيدينا يقدم سعديا تفسيرًا لأسفار التوراة الخمسة التكوين الخروج اللاويين العدد التثنية ويمكن اعتبار هذا الكتاب شكلا من أشكال الترجمة التفسيرية للنصوص وفى هذه الترجمة كان سعديا الذى عاش فى ظل ازدهار الحضارة الإسلامية حينها اعتبار العقل أحد أهم خصائص الحضارة الإسلامية وقد أثر علم سعديا بالديانة اليهودية وتأثره الكبير بالثقافة العربية الإسلامية وعلماء الكلام وعلمه الواسع بالنحو العبرى فضلا عن تمتعه بحس دينى ولغوى – فى أن تاتى هذه الترجمة معبرة عن المضامين الدينية التى تضمنها النص العبرى ومن مميزات هذه الترجمة كذلك أنها اول ترجمة من النص العبرى مباشرة وذلك عكس الترجمات المسيحية التى تمت عبر الترجمة السبعينية اليونانية والترجمة اللاتينية ومن مميزات هذه الترجمة أيضا أنها تجنبت الحرفية إلى حد كبير وهو ماجعل صاحبها يستخدم عنوان تفسير التوراة بالعربية وربما كان هذا العنوان إشارة ضمنية منه لصعوبة ترجمة النصوص الدينية وتتجلى آثار الحضارة العربية الإسلامية واضحة فى الترجمة التى بين أيدينا على المستويين اللغوى والدينى؛ فقد آثر سعديا استخدام ألفاظ عربية تناسب عقلية البيئة التى يعيش فيها أو استعارة النص القرآنى فى بعض الأحيان أو ترجمة أسماء الأماكن بما كانت تعرف به فى عصره وتجلى ذلك الأثر أيضا فى تجنبه لصفات التجسيد والتشبيه عند وصف الإله وهو أمر كان جديدا على العقلية اليهودية فى ذلك الوقت إن للكتاب الذى بين أيدينا هو خير دليل على أن الجانب الأكبر من النتاج الدينى والأدبى والفلسفى لليهود خلال العصر الإسلامى هو جزء أصيل لايمكن فصله عما أنتجته الحضارة الإسلامية

إسم القسم: .
إسم الكاتب: .
دار النشر: .
سنة النشر: .