الرواية العربية الجديدة لـ بلحيا الطاهر
يشكل الفن الروائي مكانة معتبرة في حياتنا الواقعية والفنية والجمالية على السواء وذلك لأسباب عديدة لا يتسع بنا المجال هنا لتتبعها والتوقف عندها بل حتى عند بعضها ولعل أبرزها كون هذا الفن الجديد على مجتمعاتنا التي كانت مدينة لفني الحكاية والشعر ومرتبطة بهما أشد الارتباط إذ نعتبرها نحن في تاريخية سردياتنا مجرد حلقة حداثية من ضمن سلسلة طويلة من الأشكال الفنية المتتالية التي مارسها الأديب العربي وأبدع فيها إبداعات مميزة خلال مسيرة حياته السردية وعبر تلك القرون المتلاحقة بحيث وصلت ذروتها على وجه التحديد خلال القرنين التاسع عشر والعشرين إضافة إلى أننا نعتبر الرواية في معرفتنا الجديدة بها جنسا أدبيا معاصر بكل ما لهذا التعبير من معنى ذلك لأن تلك الإنجازات العظيمة التي حققتها البشرية خلال مسيرتها وعلى جميع الصعد قد تمت إبان هذه الحقب المتزامنة والمتلاحقة ثم لأن هذا الفن الأدبي الجميل الفريد في تناوله لقضايا الإنسان ومصاعبه الحياتية كونه قد حاول أن يقربنا من تاريخنا الاجتماعي ويجعلنا على مسافة قريبة من خصوصياتنا النفسية
وبذلك نجده قد طفق يتلمس الكثير من مسائلنا الاجتماعية الخاصة بذواتنا وبدرجة أخص في هذه المدد المتأخرة إذ بواسطة هذا الفن الروائي بدأنا نتعرف على ذلك الرابط الذي جمعنا بوشائج واقعنا المعيش ثم لأنه بدأ كذلك يقارب الهوة بيننا وبين همومنا الحياتية اليومية التي نعيشها في كل لحظة من لحظات انكساراتنا وانهزاماتنا المتتالية ضد أنفسنا بكل ما يحمله من صدق وعفوية كما هو في تجلياته المعيشية المختلفة لعل ذلك ما جعلها من الناحيتين الواقعية والفنية تحتل مكانة مرموقة في قلوبنا وعقولنا وهو ما خولها كذلك لأن تكون أقرب الفنون الأدبية إلى معترك همومنا اليومية