التاريخ السري لاحتلال انجلترا مصر لـ ألفريد سكاون بلنت

0  

أصدرت الهيئة العامة لقصور الثقافة كتاب التاريخ السرى لاحتلال إنجلترا مصر الذى كتبه السير ألفريد سكاون بلنت ضمن مذكراته التى نشرها قبل وفاته عام 1924 فى ثلاثة مجلدات بها جزء غير قليل عن حوادث مصر قبل احتلال إنجلترا لها وأثنائه
وقامت جريدة البلاغ التى كانت تصدر فى ذلك الوقت بتعريب الجزء الخاص بمصر ونشره على صفحاتها هذا الجزء الذى قام بمراجعته الشيخ الإمام محمد عبده كما قام بالتمهيد له الأستاذ عبد القادر حمزة لينشر فى ذلك الوقت فى كتاب بعنوان التاريخ السرى لاحتلال إنجلترا مصر
السير الفريد بلنت واحد من كبار رجال السياسة الذين اهتموا بدراسة العلاقة بين الشرق والغرب وقام بالعديد من الرحلات بين البلاد العربية المختلفة بدءاً من مصر والشام والحجاز بالإضافة إلى تركيا وغيرها كما كانت له العديد من الصداقات المهمة فى أغلب هذه البلدان من بينها أحمد عرابى ومحمد عبده وغيرهما ممن قادوا الثورة العرابية فضلاً عن صداقاته الواسعة برجال السياسة الإنجليزية الذين عاصروا وشاركوا فى صناعة الأحداث التى عاشتها مصر فى تلك الآونة  
الكتاب ليس تاريخا بالمعنى المعروف لكلمة التاريخ وإنما هو قصة شخصية قص صاحبها رحلاته فى مصر وسوريا والعراق والهند ونجد وجدة ثم استقر فى القاهرة فى أواخر عام 1881 قص الحوادث التى جرت على يديه فيها وبعد أن عاد إلى لندن قص مساعيه السياسية من جانب والأخبار التى كان سكرتيره المدعو صابونجى يرسلها إليه من مصر من جانب آخر فهو لم يكتب كتابه هذا كما يقول عبد القادر حمزة فى مقدمته ليكون تاريخا ككل التواريخ وإنما كتبه ليكون قصة لحوادث رآها بعينه وكان له ضلع فيها ولأمثال هذه القصص التى يرويها شهود الرؤية قيمة كبيرة فى تحديد الحقائق وتسجيلها فى صفحات التاريخ ولكنها ليست التاريخ فى ذاته
تناول الكتاب – فى مقدمته – موجزا سريعا للحوادث من عهد الخديوى إسماعيل إلى أن دخل الانجليز القاهرة وما أشبه اليوم بالبارحة فبعد أن تناول عبد القادر حمزة قيمة الديون التى استدانها الخديوى إسماعيل والتى كانت سببا لاستيلاء الإنجليز على مصر تحدث عن الأفاقين الذين التفوا حول إسماعيل فإن أكثر من عاشروا الخديوى إسماعيل – فى سنوات حكمه الأخيرة – كانوا قوما كل همهم أن يستثيروا شهوات نفسه وأن يقضوا له هذه الشهوات ليقتنصوا من ورائها كل ما يمكن اقتناصه من المغانم فتقدموا له بطلبات امتيازات لإنشاء معامل مصانع وللبحث عن معادن ولجلب صناعات أوروبية ولم يكن قصدهم من هذه الطلبات أن يعملوا بها وإنما كان قصدهم أن يحصلوا على الامتيازات ثم أن يتعللوا بأية علة من العلل كى يلقوا بمسئولية فشلهم على الحكومة وكى يطالبوها بتعويض وكان إسماعيل سهلا فى دفع هذا التعويض حيث كانت أبواب القروض لاتزال مفتوحة فى وجهه فكان ذلك يشجعهم ويجعلهم حوله جيشا جرارا
وقد كان السير بلنت محبا لمصر كارها لاستعمار أبناء جلدته من الإنجليز لها وكان صديقا للإمام الشيخ محمد عبده وأقام فى ضيعة له فى المطرية وكان جاره فيها الشيخ محمد عبده الذى انعقدت بينهما صداقة وطيدة فأطلعه سنة1904 على مسودات التاريخ السرى لاحتلال إنجلترا مصر فراجعها الشيخ وصحح ما رآه فيها مستحقًا للتصحيح
وكان الشيخ محمد عبده يلح على السير بلنت فى طبع كتابه هذا بالإنجليزية وكان ينوى أن يترجمه الى العربية لولا أن عاجلته المنية عام 1905 فحزن عليه بلنت حزن الصديق على الصديق ثم طبع كتابه بالإنجليزية فبقى كذلك إلى أن تولى قسم الترجمة فى جريدة البلآغ نقله إلى العربية
وللتدليل على صدق المؤلف فى حبه لمصر وحرصه على أن تتخلص من الاستعمار الانجليزى ذكر عبد القادر حمزة أنه فى نهاية عام 1910 عقد الحزب الوطنى المصرى تحت رياسة محمدفريد بك مؤتمرا فى بروكسل للاحتجاج على الاحتلال الانجليزى وكان السير بلنت قد انتقل إلى إنجلترا فأرسل إلى محمد فريد خطابا قال فيه احذروا منا فإننا لا نريد لكم شيئا من الخير لن تنالوا منا الدستور ولا حرية الصحافة ولا حرية التعليم ولا الحرية الشخصية وما دمنا فى مصر فالغرض الذى نسعى إليه من البقاء فيها هو أن نستغلها لمصلحة صناعتنا القطنية فى مانشستر وأن نستخدم أموالكم لتنمية مملكتنا الإفريقية فى السودان ثم قال لم يبق لكم عذر إذا أنتم انخدعتم فى نياتنا بعد أن وضح الأمر فيها وضوحا تاما فاحذروا أن تنساقوا إلى الرضى باستعباد بلادكم وتدميرها  

إسم القسم: .
إسم الكاتب: .
دار النشر: .
سنة النشر: .