الإمبراطورية الرومانية من النشأة الى الإنهيار

5  

كانت الدولة الرومانية دولة قوية واسعة الأرجاء ارتفعت أعلامها على بلاد كثيرة؛ ولكنها كانت ذات حضارة مادية صِرْفة لم تُرَاعِ متطلبات الرُّوح ولم يعمر الإيمان أرجاءها؛ لذا فقد مزَّقت الخلافات العقائدية بين طوائف النصارى أواصرها فالخلاف بين المذهب الأرثوذكسي والكنيسة الشرقية من ناحية والمذهب الكاثوليكي والكنيسة الغربية من ناحية أخرى كان خلافًا حادًّا أسفر عن حروب مدمرة قُتِل فيها عشرات الألوف
بل في داخل الدولة الرومانية الأرثوذكسية الشرقية ذاتها اشتعلت الخلافات العقيمة بين طائفة الملكانية وتعتقد بازدواجية طبيعة المسيح وطائفة المنوفيسية وهم أهل مصر والحبشة ويعتقدون بطبيعة إلهية واحدة للمسيح وكانت طائفة الملكانية تقوم بتعذيب الطائفة الأخرى تعذيبًا بشعًا فيحرقونهم أحيانًا ويغرقونهم أحيانًا أخرى مع أنهم جميعًا أبناء مذهب واحد هو الأرثوذكسية
ولم تكن الديانة النصرانية المحرَّفة واضحة أو مفصَّلة في معالجة مسائل الإنسان واحتياجاته الروحية والمادية ولم يكن من المستغرب بعد ذلك أن تثور حول الديانة وفي صميمها مجادلات كلامية شغلت من فكر الدولة وأهدرت طاقاتها؛ وكان من أشهر هذه الخلافات خلاف عقائدي بين اثنين من رجال الكنيسة في الإسكندرية حول تحديد العلاقة بين الأب والابن أحدهما يسمى آريوس والآخر يسمى أثناسيوس
ظهر آريوس الإسكندري في وقت كانت جماهير المسيحيين فيه تعتقد أن المسيح ابن الله وأنه مساوٍ للإله فلم يقبل آريوس هذا الرأي وقال إن الله خَلَق المسيح من لا شيء وإن المسيح إنسان وأنكر أن يكون إلهًا أو شخصًا إلهيًّا وقال لا يجوز بذلك أن نسمِّيَ أُمَّه «والدة الله» وتبعه في ذلك جماعة من المسيحيين

إسم القسم: .
إسم الكاتب: .
دار النشر: .
سنة النشر: .