ملكة الغرانيق
رواية ملكة الغرانيق – أسامة المسلم و كنتُ أعرف أين أضعت بُوصلَتي ماشعرتُ بتَيْه سفينةٍ تلعنها الرياح سمائها أمطار سوداء تجرفها موجه وتغرقها لعنة لا يُهم بدأتُ رحلتي ليلاً إلى جزر الخيال غير أنَ سفينتي لم أحمل بها زورقاً إضافي ولا مِرْساة ولا طوق نجاة وأفرغتها شحنتها عمداً من صناديق الحكمة والمنطق والمعقول والمألوف من يدري قد أشتهي الغرق في أية لحظة وأثقب مُتعمدة سفينتي وعلى إفتراض أني حوت من أيّ زوايا السفينة سأُلقي بعشرات أطناني بقوة دفعٍ توصلني للأعماق بشكلٍ أسرع فهُناك شكلٌ من الرسوخ الروائي يقودني هذه المرة مُرغمة في التفكير في إذابة كل ما هو واقعي بالتخيلي و منح الحياة الناجمة عن هذه الإذابة سِمة الثبات لكي تُصبح الكتابة هُنا عالماً فعلياً اُقحم نفسي فيه من كل مهبّ بحري من كل مويجات مسافرة من خلجان البحر وحشيشه من الشعاب والسهول والأودية من مخادع زنابق البحر ومن جانب كل الذين سأقابلهم وأحبهم أو أكرههم أو أحدد موقفي منهم و أشق طريقي في مملكة الحُور ومملكة النُور وممالك الأخابيط والغرانيق والقروش والمنطقة المنفيّة والمدينة المنسيّة ومواقع الحيتان والجانّ والمرْجان وعند كل هجرة لابُدّ منها وأشعر أنَّ بداخلي تنام سايرينه مُتناقضة بعينانِ دافئتان وشعرٍ أزرق وشدقٌ أحمرٌ ثملفاتنة تزينت مع كبريائها باللؤلؤ والمرْجان والأحجارفي ظلمة أَزِقَّة روحي مخبوءةٌ تجوع إذا ما مررت بأحرفٍ جميلة وشبقةٌ للتفاصيل الصغيرة التي تتسارع معها نظم ضربات القلبتلهو بمشاعري بخبثٍ وأحتمل جميلة القشور و فاسدة اللُّب ولا أعرف أيّنا يكتب الآن وأيّنا يُغني كل ما أعرفه أنَّ ما كُتبَ هنا ليست سوى أحرف سَتصيبك بجَشع قُرْصان لا تهمهُ لا الثروات ولا السُفُن الكبيرة ولا العملات الذهبية بل أن يُنشّأ غنيمةً لا تُعد ليخبأها في منفى وأرض نائيةً وعَصِيّة وبإنتهاء السلسلة سَتنتهي معها غنيمتي ورصيدها سيكون بالتأكيد معرفتي أحرفٌ بمثابة توصيةً للبحر بأن يُصيّرك إلى سمكة رَّنْجَة أو أنشوفة أو جيذر أو شِّفْنين أو الإسقمري أو أيّ شيءٍ تشاء