مختصر دراسة للتاريخ .. الجزء الأول

0  

يُعتبرُ أرنولد تُوينبي أحدثَ وأهمَّ مُؤرِّخ بحَثَ في مَسألة الحضارات بشكلٍ مُفصَّلٍ وشامِل ولاسيَّما في موسوعته التاريخيَّة المُعنونَة دراسة للتاريخ التي تتألَف من اثني عشرَ مُجلَّدًا أنفق في تأليفها واحدًا وأربعين عامًا وهو يَرى خِلافًا لمُعظم المؤرِّخين الذين يعتبرون الأُمَم أو الدُول القوميَّة مَجالاً لدراسة التاريخ أنَّ المُجتمعات أو الحضارات الأكثر اتِّساعًا زمانًا ومكانًا هي المجالات المعقولة للدراسة التاريخيَّة وهو يُفرِّقُ بين المُجتمعات البِدائيَّة والحَضاريَّة؛ وهذه الأَخيرة أقلُّ عددًا من الأُولى فهي تبلغُ واحدًا وعشرين مُجتمعًا اندثَرَ مُعظمُها ولم يبقَ غيرُ سبع حضارات تمرُّ ستٌّ منها بدَور الانحلال وهي الحضارة الأُرثوذكسية المسيحية البيزنطية والأُرثوذكسية الروسية والإسلامية والهندوكية والصينية والكورية اليابانية؛ أمَّا السابعة أي الحضارة الغربية فلا يُعَرف مصيرُها حتَّى الآن يُفسِّرُ  أرنولد توينبى  فى كتابه مختصر دراسة للتاريخ  نشوءَ الحضارات الأُولى أو كما يُسمِّيها الحضارات المُنقطعة من خلال نظريَّته الشهيرة الخاصَّة ب”التحدِّي والاستجابة” التي يعترفُ بأنَّه استلهمَها من عِلم النَفس السلوكيّ وعلى وَجه الخصوص من كارل يونج ويقول هذا العالم إنَّ الفَرد الذي يتعرَّضُ لصدمةٍ قد يفقدُ توازُنَه لفترةٍ ما ثمَّ قد يستجيبُ لها بنوعَين من الاستجابة الأُولى النكوص إلى الماضي لاستعادته والتمسُّك به تعويضًا عن واقعه المُرّ فيُصبح انطوائيًّا؛ والثانية تقبُّل هذه الصدمة والاعتراف بها ثمَّ مُحاولة التغلُّب عليها فيكون في هذه الحالة انبساطيًّا فالحالة الأولى تُعتَبرُ استجابةً سلبيَّة والثانية إيجابيَّة بالنسبة لعلم النفس لاحظْ أنَّ ذلك ينطبقُ على حالة العرب فإنَّهم تعرَّضوا لصدمة الحضارة فلجؤوا إلى النكوص إلى الماضي دفاعًا عن النفس

إسم القسم: .
إسم الكاتب: .
دار النشر: .
سنة النشر: .