فرناندو بيسوا راعي القطيع
كتاب راعي القطيع ألبرطو كاييرو – فرناندو بيسوا «راعي القطيع» هي في المقام الأول وبالنسبة الى القراء البرتغاليين مجموعة شعرية صدرت في العام 1914 حاملة اسم «الشاعر» البرتو كاييرو الذي كان قراء الشعر البرتغاليون «يعرفونه» منذ صدور «دكان التبغ» أو يخيّل اليهم أنهم يعرفونه هو الذي سوف يتبين لاحقاً انه في حقيقة أمره ليس شخصاً آخر سوى الشاعر البرتغالي فرناندو بيسوا وما حصل منذ انكشاف المؤلف الحقيقي ل «دكان التبغ» هو نفسه ما حصل على أية حال بالنسبة الى «راعي القطيع» غير ان الأكثر طرافة وأهمية ان بيسوا كتب هذه المجموعة يوم الثامن من آذار مارس 1914 خلال بضع ساعات وفي حال من الغياب الاستحواذي التام كما ستقول لاحقاً سيرة حياته ومع هذا فإن «راعي القطيع» تعتبر نوعاً من الاستكمال لمجموعتين شعريتين أخريين لبيسوا نفسه هما «قصائد غير مجمعة» و»الراعي العاشق» يومها تكاملت هذه الثلاثية مضفية مجداً شعرياً على البيرتو كاييرو الذي سيروي لنا الكتاب الجديد أسباب «اختفائه» كما يروي الحالة الذهنية والماروائية التي أدت الى ولادته وهو أمر جعل فرناندو بيسوا يبكي كمن يبكي ازاء فقدان عزيز حقيقي له علماً أن البرتو كاييرو كان في الوقت نفسه نوعاً من توليفة بين «قناعين» آخرين لبيسوا نفسه هما الشاعران المتخيلان ريكاردو ريّيس وألفارو دي كامبو اللذان اعطى بيسوا اسميهما لنفسه في توقيعه لعدد من أشعاره وها هو لمناسبة صدور «راعي القطيع» يكتب من دون تردد انه «اذا كان لكاييرو قدرة شعرية على مشاطرة دي كامبوس مرارته امام هروب الزمن وانسلاله وسهولة العيش فإنه لا يتمتع بالقوة الغنائية التي تميز أشعاره» فقوة شعر كاييرو «مادية كما يتجلى في قصائده الجديدة التي يطالعها القاريء في هذا الكتاب الجديد إنه شعر مادي يرتبط بالطبيعة حتى وإن كان الشاعر لا يمتلك حساسية اسلافه من الشعراء الإغريق الذين جعل منهم مثلاً شعرياً اعلى له» ومن الواضح هنا هو ان فرناندو بيسوا وتحت قناع البرتو كاييرو انما كان يحاول ان يعبر عن تلك المنظومة الفكرية المفهومية التي يُقيّض للاشياء في سياقها ان تتقاسم حقيقة ثابتة لا تتبدل حقيقة تبدو في حقيقتها غريبة عن النظم البشرية كما عن كل الوسائل التي تمكن من رصدها ف «الاشياء كما يقول بيسوا مستنداً في هذا الى تفسير معمق لأشعار أناه الآخر كما وردت في «راعي القطيع» هي المعنى الحقيقي الوحيد للاشياء» و «يتعين على الشاعر كما يفعل كاييرو هنا أن يبتعد عن طرح اسئلته الثرثارة على هذه الاشياء مكتفياً بتركها تتسلل الى داخله قصيدته وحياته بحيث تصبح حياته الداخلية نفسها على صورتها أي على صورة تلك الأشياء متوحدة في ما بينها مشاركة إياها في «صلابتها»