شؤون كردية بعيون عراقية
لكل مدينة ووطن قلبان وكما لبلاد النهرين رافدان وبها جنتان قامت منذ القدم على الجمع بين السهول والجبال والخضرة وسيول الماء والهور والصحراء وبين آلهة الأرض وآلهة السماء مردوخ وإيل تموز وعشتار والانسان والماء والخصب والزرع والنماء وبابل وآشور كذلك جمعت بالحب والتعايش بين أهل الشمال وأهل الجنوب باختيارهم ورغبتهم حيناً وبحكم الواقع الجيو سياسي المفروض أحياناً
هكذا أدركتُ العراق مذ تفتّحتُ وعيا وعيناً بين حضن أمي وأحضان جيراننا الذين كانوا لحكمة وقدرية ما أكرادا دائما
عشت معظم ما يقال له الطفولة والصبا وشرخ الشباب في منطقة كنت وبقيت أراها أجمل ما في العراق وهي نبضه وأروع ما يمثل شعبه وفي تلك المنطقة البالغة الحميمية والتنافر والفقر والغنى والعبقرية والبؤس ومرتع الشقاوات والقتلة والمفكرين والمناضلين والعلماء والدجالين والحمالين والتجار والكادحين والسماسرة والشهداء والخونة وأبطال الزورخانة وكرة القدم وكل ألعاب ذلك الزمان تفتحت عيناي على الحياة وتعرفت منها على الكدح والجوع والحب والشعر ونزوات المراهقة والأوكار السرية والمنشورات الثورية وتقارير المخبرين وعيون السلطة وجواسيسها وكل ما يمثل الحضارة والانحطاط ومعاني الإنسانية ونقائضها