بلاغة الإقناع في المناظرة لـ د عبد اللطيف عادل
إن البلاغة ظلت دوما ملتقى لخطابات متنوعة ثقافية واجتماعية ودينية ونفسية لا غرو أن يعتبرها الناقد الفرنسي رولان بارت إمبراطورية حقيقية أكثر امتدادا وإصرارا من أية إمبراطورية سياسية بحجمها وديمومتها ومع التغيرات التي وسمت العالم المعاصر أضحى حقل البلاغة أكثر اتساعا إذ انفتح على أنساق أخرى مثل الصورة والإشهار التجاري والإعلام برمته وقد اغتنت البلاغة بحكم هذا الامتداد ولذلك لم تعد محصورة في البعد الجمالي بشكل صارم بل إنها لتنزع إلى ان تصبح علما واسعا ولعل ذلك ما دفع بول ريكور إلى الإشارة للطموح الكلياني ونزعة التسامي اللذين يخامران البلاغة منذ موطنها الأول ب صقلية خلال القرن السادس قبل الميلاد حتى لقد نصبت نفسها فنا للخطاب الإنساني الأكثر إنسانية لا بل إنها تطالب بتفوقها على الفلسفة ككل إن هذه الإمكانيات التي تؤمنها البلاغة هي ما يبرر اعتمادها في مقاربة خطاب المناظرة وتمثله واستنطاقه وفق ما تمنحه الآليات البلاغية إن اهتمام الكتاب ببلاغة الإقناع هو اعتبار للبعد الحجاجي الذي وسم البلاغة منذ ميلادها وخول لها أن تعيش عصورا حافلة بالأمجاد تقاطعت خلالها مع الفلسفة والجدل وغطت مناحي الاجتماع البشري في مقامات القضاء والتداول الاستشاري والمناسبات الكبرى هذا البعد الحجاجي كشفت عنه بوضوح آراء أرسطو طاليس في كتابه الخطابة