الوسمية
الوسمية – عبد العزيز مشري لاأعلم هل ترك هذا المسكون ألمًا ووجع لأحدٍ من بعده المقدرة على أن يتحدث عن القرية كجزء من المكان في سرديات الرواية هذا رجل نستطيع أن نقول أنه أتعب من جاء بعده بقوة وصدق ما كتب وتناول في أعماله القصصية والروائية عن القرية لا أقول أنه لم يترك شيئًا لمن سيأتي بعده ويتناول القرية لا لا لكنه أجاد تناول القرية بكل بساطتها وكذلك تعقيداتها البيئية من عادات وتقاليد ومورث شعبي غارق في المحلية عمل الوسمية للكاتب السعودي عبد العزيز مشري والتي وصفها إتحاد الكتاب العرب بالعمل الروائي و صنفها في المركز 99 ضمن قائمة أفضل 100 رواية عربية هو عمل مباشر و بسيط و هو أقرب إلى وصف مشاهدات بصورة أدبية أكثر من كونه عمل روائي تقع أحداث هذا العمل في قرية سعودية صغيرة في خمسينات القرن الماضي و يقوم الكاتب بمصادرة البطولة من شخصيات العمل لصالح القرية منذ اول صفحة فالمكان و المحيط والعادات و التقاليد هي كل الحدث وقد أبدع عبد العزيز مشري في وصف كل ذلك فعبر هذا العمل تتعرف على علاقة أهل القرية بالمطر وخاصة الأمطار التي تدعى الوسمية وكيف يحضر المطر في كل حديث و في كل نقاش كما يعرفك الكاتب على مصطلحات المنطقة الخاصة و منها على سبيل المثال مصطلح الراتب و الراتب هو الفاتحة وبعض الدعاء بان ينتقم الله من الخائن او المخرب الذي لم يعترف بذنبه امام الجماعة في يوم اسود لم يكن له حسابا و من ثم تتعرف على ماذا يحدث في تلك القرى اثناء الخطبة و الزواج الحزن والفرح الفقر و الجوع و نحو ذلك من أحداث بكل سلاسة و بساطة واتقان و من تلك الاحداث كان حين تعدى أبناء القرية بأغنامهم على حمى القرية المجاورة فيحدثك الكاتب كيف يطلب الناس الحق كيف يتحقق أهل القرية منه وكيف يتم الصلح و العهد بين الطرفين حين يذهب أهل المعتدين بوجاهتهم و كامل عتادهم إلى المعتدى عليهم وهي تفاصيل تراثية صغيرة موغلة في القدم ولكنها قادرة على أن تعرفك على أصالة تلك المجتمعات و ينتهي العمل بأخبار قدوم النفط و بدء شق الطرقات و رائحة عادم أول سيارة تمر في القرية فيقول الكاتب تمنت كثيرات من النساء والبنات ان تكون لهن صلة بالسواق تمنى كثير من الشباب ان يتعلموا السواقة تمنى كثير من الرجال ركوبها في السفر تمنى البعض السفر وانتهت هنا حكاية أمطار الوسمية ويجدر بالاشارة إلى أن الأنثى كانت حاضرة في العمل فقد تم استشارة إمرأة في قضية شق الطريق إذ نوديت إلى مجلس الرجال و سئلت و جوابت و اشيد بما قالت الرواية جميلة وهي تسجل أحداث أعتقد تعود لخمسينيات القرن الماضي في الجنوب في لوحات أشبه بالقصص المنفردة لكنها في إطار روائي وقد عمد نجيب محفوظ لمثل هذا التكنيك في أعماله التي تتناول المحيط الصغير في الحارة بينما مشري جعلها في القرية