الطباعة والنشر بالمغرب لـ لطيفة الكندور
أحدث اختراع الطباعة منتصف القرن الخامس عشر الميلادي ثورة في عالم الاتصال وتطورا في عالم الفكر والمعرفة وتغييرا كبيرا في حياة الإنسان حيث اعتبرت الطباعة – منذ ظهورها إلى اليوم – من أنجع أدوات نشر الثقافة ومرآة تقدم الشعوب وتحضرها فلولاها لما انتشرت العلوم والمعرفة في مشارق الأرض ومغاربها لكن المغاربة لم يستعملوا هذا الفن الجديد للكتابة إلا في العقد السابع من القرن التاسع عشر الميلادي وذلك بعد مرور أربعة قرون على اكتشافه بأوروبا حيث كان المغرب آخر دول الشمال الإفريقي ومن أواخر الدول الإسلامية إقبالا على التقنية الجديدة للكتابة رغم كونه من أقربها إلى أوربا ورغم ما قيل عن الطباعة المغربية في مراحلها الأولى من كونها كرست التقليد ولم تأت بالتجديد فإنها – بتوفيرها للكتب مع رخص ثمنها مقارنة بالمخطوطات ساهمت في انتشار العلم حيث لم يعد مقتصرا على النخبة فقط وعملت على نقل الآراء والعلوم الحديثة وعلى إحياء كتب التراث والمحافظة على المخطوطات من الضياع ولم تكن المطبعة بالمغرب مجرد آلة تقنية اقتصر دورها على صناعة الكتب وتوثيقها والمحافظة عليها فقط بل إنها أدت رسالة علمية وحضارية مهمة وساهمت بقسط وافر في صنع تاريخ المغرب وإعطاء مضمون جديد للثقافة المغربية وأثرت في التحولات الفكرية والسياسية والاجتماعية التي عرفها المغرب منذ أواخر القرن التاسع عشر حيث لعبت المنشورات دورا مهما في الأحداث الكبرى على الصعيد الوطني وساهمت في تعريف العالم بعطاء الثقافة والفكر المغربي وأبرزت لونا من مساهمة المغرب في حضارة صنع الكتاب العربي والإسلامي