الرقية الشرعية رؤية تحليلية

9  

منذ كنت صغيرا ومع مطالعاتي الإسلامية الأولى والبسيطة جدا كنت أقرأ عن الرقية الشرعية لكنني لا أكاد أعي مما أقرأ عنها شيئا وعندما دخلتُ إلى الجامعة عام 1975 م أو بعدها بعام بدأت أطالعُ بشكل أكثر وضوحا وأكثر دقة وأكثر تفصيلا عن العلاج بالقرآن وبالأدعية المأثورة عن النبي صلّى الله عليه وسلم لكن كان الغالب على هذه المطالعات الطابع النظري فقط لأنني ما كنت أمارس في ذلك الوقت الرقية الشرعية ولا رأيتُ شخصا يرقي بالطريقة الشرعية أقول بالطريقة الشرعية أما محاولة العلاج بالدجل وبالشعوذة وبالكهانة وبالكذب والزور والبهتان وادعاء معرفة علم الغيب وما إلى ذلك فأسمعُ به كما يسمعُ به سائرُ الناسِ وأُنكرِه منذُ كنت صغيرا سواء على هؤلاء السحرة وأشياعهم أو على من يذهبون إليهم من الناس حتى ولو من أجل الاستهزاء بهم لا من أجل تصديقهم أو من أجل العلاج وحتى وأنا صغير لا أكاد أعرف من الدين شيئا كنت أنتقد المُشعوذين بقوة فكان البعضُ من النساء من أهلي وأقاربي يُخوِّفنني من عاقبة انتقاد السحرة وأتباعَهم فكنتُ أقول لهن بعفوية وبقوة في نفس الوقت ليفعلوا ما يشاءون إن الذي يقرأ القرآن لا يخاف من السحرة لأنهم أعداء الله وكذا أعداء القرآن ومرَّ على ذلك زمان حتى صيف عام 1985م حيث أتيحت لي الفرصة للاتصال أنا وأحد الإخوة من مدينة ببعضُ الإخوة بمدينة الوادي حيث علَّمُونا هناك جازاهم الله خيرا بعضَ المبادئ الأساسية المتعلقة بالعلاج بالقرآن خلال يومين أو ثلاثة وأرشدونا إلى احتمال الاستفادة أكثر في المستقبل من خلال مطالعات في بعض المراجع ذكروا لنا عناوينها ومن ذلك التاريخ وحتى الآن 2019 م رقيتُ آلاف الأشخاص رجالا ونساء كبارا وصغارا فقراء وأغنياء مسؤولين وبسطاء
وخلال هذه الفترة أكثر من 34 سنة مارست فيها الرقية الشرعية آلاف المرات لاحظتُ جملة ملاحظات مهمة للغاية سواء من خلال ممارسة الرقية الشرعية في حد ذاتها واحتكاكي بالمعالجين بالقرآن هنا وهناك أو من خلال مطالعاتي عن الرقية في الكتب والمجلات والجرائد أو سماعي لأشرطة دينية أو طبية أو نفسية أو من خلال مناقشاتي مع بعضِ الأطباء الاختصاصيين في علاج الأمراض العضوية أو النفسية أنبه إلى هذه الملاحظات الآن من خلال هذه المقدمة لكنني سأرجِع إليها بالتفصيل بإذن الله من خلال مسائل هذه الرسالة التي سأذكر فيها بإذن الله نصائح وتوجيهات وأحكام شرعية أرى أنها من الأهمية بمكان تفيد إن شاء الله المتعلِّمَ والأمِّي والراقي والمريض والكبير والصغير على حد سواء
أولا الأجر الكبير الذي يمكن أن يناله الراقي بإذن الله إذا حرص على الصواب والإخلاص أولا ثم على قدر الجهد والتعب على قدر الأجر إن شاء الله والراقي في مرتبة المجاهد في سبيل الله كما قال بعض العلماء هذا إن كان الراقي راقيا بالفعل لأن بعضَ الرقاة ليس لهم من الرقية الشرعية إلا الاسم للأسف الشديد
ثانيا كثرة الدجالين والسحرة والمشعوذين في مجتمعاتنا كُثرةً ملفتة للانتباه
ثالثا ومع ذلك فإقبال الناس على العلاج بالقرآن وبالطريقة الشرعية وبدء ابتعادهم عن المعالجة بالطرق غير الشرعية أصبح ظاهرة صحية ملحوظة تظهر أكثر وأكثر مع مرور الأيام والحمد لله وإن كانت المبالغة مذمومة
رابعا بدأ يظهر كذلك اقتناع الكثير من الأطباء بالرقية الشرعية كوسيلة وحيدة لعلاج السحر أو العين أو الجن واقتناعهم بأن هذه الأمراض ليست من اختصاصهم واقتناعهم بأن الرقية الشرعية خط والدجل والسحر والشعوذة خط آخر موازي تماما للخط الأول
خامسا الرقية الشرعية وسيلة فعالة جدا من وسائل الدعوة إلى الله
سادسا ومع ذلك فالرقية الشرعية كغيرها من شعائر ديننا التزم بها ناس كما يحب الله ورسوله وأدخل فيها ناس من البدع والمحرمات ما أدخلوا ومن جهة أخرى طلب بها قومٌ وجه الله تعالى وطلبَ بها آخرون المالَ والهوى والنفس والشيطان والشهوة وعرضَ الحياة الدنيا
سابعا من مصادر السعادة الرئيسية خدمةُ الغير مع احتساب الأجر عند الله تعالى ومنه فإن السعادة التي يحِسُّ بها المرء وهو يرقي المرضى لوجه الله أي بدون مقابل أكبر وأعظم بكثير من التي يمكن أن يُحِسَّ بها وهو يرقي بمقابل مادي قليل أو كثير
نسأل الله الهداية والتوفيق لما فيه الخير كما نسأله أن يعافينا وأن يشفينا من كل داء

إسم القسم: .
إسم الكاتب: .
دار النشر: .
سنة النشر: .