الحرب وضد الحرب
رغم الإحباط والجمود وتغلغل الفساد لم تخل بلادنا من الكبار المخلصين لها والحالمين بتقدمها وقد كان المشير أبو غزالة الذي رحل في أوائل سبتمبرالماضي بعد انسحاب طويل من الحياة السياسية واحدا من هؤلاء الكبار فالرجل لم يكن فقط وزير دفاع سابقا ورمزا من رموز العسكرية المصرية وضابطا خاض حروبنا كلها فحسب بل كان مثقفا ومفكرا مسكونا بهموم وطنه وأمته أيضا وكان انشغاله بهموم التحديث وتغيير الواقع والانفلات من أسر الجمود والتخلف سببا لانكبابه على البحث والتأمل والتأليف وترجمة كتب ذات قيمة معرفية ومعلوماتية عالية جعلت منها مراجع أساسية في علوم الاستراتيجية والأمن القومي في مقدمة كتابه «العرب والحروب التكنولوجية القادمة» الصادر عن دار المعارف يقول أبو غزالة «إننا نعيش الآن عصرا جديدا يمكن أن نطلق عليه عصر المعرفة وثورة المعلومات ومن يمتلك المعرفة والمعلومات سينتصر في أي صراع اقتصادي أو عسكري جديد فقد أصبح الذكاء البشري والموارد العقلية رأسمال العالم الأساسية» وفي نهاية مقدمته يطرح الرجل سؤآله الكبير «هل نريد أن نكون أقوياء » وهذا السؤال كان على ما أظن محور حياة الرجل واهتماماته وسبب انشغاله بما يحدث حولنا من تحول وتقدم وإلحاحه من ثم في معظم كتاباته على ضرورة التسلح بالمعرفة والعلم والتكنولوجيا لمواجهة الأخطار المحدقة بالعالم العربي من حروب مياه محتملة وتعنت إسرائيلي إلى صراعات متوقعة في منطقة الخليج لذلك انشغل في كتابه المشار إليه بأهمية التوازن التكنولوجي بين العرب وجيرانهم مبينا أن هذا التوازن لن يتحقق بشراء واقتناء الأسلحة والمعدات الحديثة وإنما باستيعاب وتوطين التكنولوجيا والتفاعل معها مؤكدا أن هذا التوازن هو سلاحنا الوحيد لترسيخ الأمن والاستقرار وتسريع التحديث ومعليا في الوقت نفسه من شأن العنصر البشري المسلح بالعلم والمعرفة والقدرة على الابتكار والتطوير