الحداثة الممكنة
أنت تقرأ لتفهم لتستوعب لتكون أحكامك الخاصة وأراءك لا تأخد كل ما يُكتب وكل ما يُقرأ على أنه أمر مسلم به إقرأ إبحث قارن هذه ما ارادت عن تقوله الراحلة رضوى عاشور بين السطور في كل عصر يتم التعتيم والتهميش للعديد من الشخصيات لأسباب مختلفة ومع الوقت يتم تناسيهم وتجاهلهم وإن كان لهذه الشخصية حظ إن جاز التعبير بعد مماتها يأتي باحث يُزيل عنها غبار السنوات ليظهرها بشكلها الحقيقي ويُعيد لها مكانتها ولا اقدر من الراحلة السيدة راء لتفعل ذلك مع شخصية مثل أحمد فارس الشدياق لهذا الكتاب حكاية اضافته لقائمة ما سوف أقرأه يوماً ما والتي تزداد بشكل غريب عجيب يومياً ان لم يكن كل ساعة يُضاف لها المزيد فالفضول يزداد والكتب لا تنتهي ولكن هناك ما جعلني أقرر أن أقراه دون تأخير كنت أقرأ للكاتب الجزائري يونس بن عمارة كتاب يُدعى الكافُ على طاولة مشرحة لم يعرفها لوتريامون وفيه قام بعرض هذا الكتاب في إحدى مقالاته والتي أثارت في داخلي الفضول بدرجة كبيرة كما تفعل كتابات يونس بن عمارة منذ بدأت قراءة كتاباته وقررت أن أقرأه في اليوم التالي ويشاء الله أن أغادر المنزل في اليوم الثاني ل يتعكر مزاجي في أروقة المصالح الحكومية وموظفيها ومشكلتهم الكُبرى في طولة البال وبعد شعوري بالحسرة على الحال والأحوال قررت أن أذهب لبائع الجائد المعتاد لأسأل على المجلات الشهرية المعتادة ليكتمل اليوم بإختفائها وشفقة بقلبي الصغير من هذه المأسي في يوم واحد بدأت أبحث بين الكتب المعروضة على كتاب يُثير إهتمامي ويُخرجني من هذه الحالة فلا يوجد شئ يمكن أن يُغير حالي من النقيض إلى النقيض إلا كتاب جديد وبصدفة وقعت عيني على كتاب الرائعة رضوى عاشور والذي كنت قررت كما سبق وأن قلت أن أبدأ فيه في نفس اليوم فلم أستطع المقاومة وأصبح هذا الكتاب إبناً جديداً بين أبنائي وفلذات أكبادي وبمجرد أن عدت إلى المنزل بدأت فيه على الفور ليصبح أول كتاب أبدأ بقرأته بعد إقتناءه مباشرة في نفس اليوم وبدأت رحلتي مع الراحلة الرائعة رضوى عاشور في هذا الكتاب عن شخصية أحمد فارس الشدياق وروايته الساق على الساق فيما هو الفارياق رحلة عبر البلدان المختلفة لبنان مصر تونس مالطا باريس رحلة تتبعت فيها حياته وافكاره وروايته كيف كتبها ولماذا ما أثّر في حياته كيف واجه منتقديه وكيف استطاعت هي أن ترد على منتقديه بعد كل هذه السنين رحلة أرادت منها ليس فقط أن تُثبت انه رواية الساق على الساق هي الرواية العربية الأولى ولكن أن تثير فضولنا حول نقاط مختلفة ومهمه جداً تقول رضوى عاشور في مقدمة الكتاب وأملي ألا أكتفي بإقناع القارئ بدعواي أن الساق على الساق هي الرواية العربية الأولى والأهم فهذا غرض ثانوي في هذه الدراسة بل أن أورطه عبر الإشتباك مع النص في أسئلة تتعلق بالتاريخ عموماً وبالتاريخ الأدبي على وجه الخصوص وما تمتلكه المؤسسة النقدية من سلطة التهميش أو التصدير وتشكيل الذائقة الأدبية وهنا أستطيع ان أقول أنها استطاعت بجدارة ان تفعلها فقد استطاعت من خلال كتابه هذا أن تجعلنا نفكر كثيراً في قدرة البعض على التعتيم والتهشيم لمن إختلفوا معهم أن البعض قد يكتب دون حيادية كافية وأن يجعل الأمور في غير نصابها الصحيح أن تُجبرنا أن لا ناخد كل ما يُقال أو يُكتب حول الشخصيات المختلفة على أنه الحقيقة الكاملة وان علينا البحث والتدقيق قبل تكوين الأحكام ان نبحث عن الأدلة سواء مع او ضد الرأي العام الذي يتكون حول شخصية ما ما اعجبني في الكتاب أنها لم تترك شيئاً بدون دليل او تُثير تساؤلات دون محاولة الإجابة قدمت لمنتقديه ولنا بالتأكيد الصورة واضحة ولنحكم بما نراه في الغالب عندما تحاول أن تقرأ دراسة نقدية او بحث عن شخصية او رواية ما قد تجب بعض الصعوبة او الملل لكن مع السيدة راء فأنت تقرأ دون تشعر تنتقل بين الصفحات والمعلومات واللغة بخفة وبمنتهي الفضول لكل كلمة مكتوبة