الإسلام والغرب الأمريكي بين حتمية الصدام وإمكانية الحوار لـ محمد إبراهيم مبروك
ليست لدي الرغبة في أن أكتب مقدمة لهذا الكتاب أننا نعيش بالفعل في بؤرة موضوعه ولا نحتاج إلى مقدمات وكذلك حفاظا على الحياد العلمي؛ فقد كتبت هذا الكتاب بروح المفكر أو الفيلسوف في ظل أحداث يتعرض لها العالم الإسلامي يتصدع لها قلب المؤمن؛ حيث بلغت به حدا من المهانة لم يتعرض لها منذ سقوط بغداد عاصمة الخلافة العباسية على يد المغول بل أراه تجاوز ذلك فالعالم الإسلامي الذي كان يسقط في الشرق كان ينهض في الغرب أما بالنسبة لما يحدث الآن فالسقوط شامل والمهانة مريعة والهامات الصغيرة التي ترتفع في شموخ هنا وهناك هي في مرمى الخطر الوشيك لذبحها مما يبعث على الجنون أو الانفجار ويخرج بنا عن إطار الروح العلمية التي يجب توفرها للنظرية المطروحة في هذا الكتاب ولهذا احتفظنا بطوفان الغضب في القلب ونحن نتابع عملنا في هذا الكتاب أثناء هذه الأحداث ولا نريد أن نفتح له مجرى في هذه المقدمة لأننا لن نستطيع التحكم فيه عند ذلك وقد يكون الجدير بالإشارة إليه هنا هو أن الأطروحة الأساسية لهذا الكتاب بدأت تتبلور منذ أواخر الثمانينات وكنا قد انتهينا لتونا من كتابنا أمريكا والإسلام النفعي البراجماتي فبدا لنا واضحا مع متابعتنا للبدايات الأولى لانهيار الاتحاد السوفييتي حتمية مآل الصراع الحضاري العالمي إلى الإستقطاب العدائي الشديد بين الإسلام والغرب الأمريكي وتحدثنا عن ذلك في مقالات وندوات ومؤتمرات وأعددنا المواد الأولى لهذا الكتاب منذ أكثر من عام وكتبنا من بين ذلك أن بؤرة الصدام ستكون في وسط آسيا وفي أفغانستان تحديدا ولهذا فقد احتفظنا بجزء مما كتبناه في هذا الموضوع كما هو وذلك في الجزء الخاص بطالبان والملا عمر والجدير بالإشارة إليه أيضا هو التعبير عن دهشتنا من مدى الزيف البالغ الحادث في تلك الحوارات المدعاة بين الغرب والإسلام والتي يدعى فيها للحديث عن الإسلام في مقابل مفكري الغرب المتغربون من العلمانيين عندنا أو رجال المؤسسات الحكومية من أنظمة الدول الإسلامية الخاضعة للغرب أي أن الغرب يحادث ذاته باسم الحوار بين الغرب والإسلام وقد يفاجأ البعض بتوجهات الأفكار الواردة في هذا الكتاب ليس فقط من حيث مدى تعارضها مع التوجهات الغربية المشاعة ولكن من حيث مدى موافقتها لها أيضا في بعض الجوانب ويأتي هذا الكون أن العمل القائم في هذا الكتاب يخرج عن دائرة الأفكار المقررة سلفا – التي تشحذ جهود الكتاب لتقريرها مرة أخرى إلى فضاء البحث الفكري المضني الذي يريد الوصول إلى الحقيقة مهما كان اصطدامها مع كل ما هو شائع أو غير مسموح به بقي أن نشير أن خطة الكتاب تتحدد في تناول العلاقة بين الإسلام والغرب ودوافع الصدام بينهما من المنظور الغربي ثم من المنظور الإسلامي بعد ذلك ثم يلحق بذلك نظريتنا عن الموضوع والتي تمثل المضمون الأساسي لهذا الكتاب الذي تعد كل فصوله التالية بمثابة تفصيل وتفسير لهذه النظرية وشواهد لها