الأصولية الإسلاموية الجديدة

0  

كل من يعتقد أن الإسلام والمسلمين هما شيء واحد ومن يظن أن الجماعات الإسلامية تمثل الإسلام ومن يعتبر نقد الخطاب الديني أو نقد الجماعات الدينية هو نقد للإسلام نفسه
وكل من نصّب نفسه حارسا على الإسلام وناطقا باسم الله سبحانه ومن يظن أنه يمتلك الحقيقة المطلقة ومن يعطي نفسه حق تكفير الآخرين وكل من يخشى النقد ومن استراح لمعتقداته ومن يتجنب التفكير وتستهويه اليقينيات والمسلمّات ويرفض التشكيك ويخشى طرح الأسئلة ومن يظن أن علماء المسلمين معصومون عن الخطأ وقديسون ومن يعتقد أن التراث والتاريخ الإسلامي مقدس ولا تجوز مراجعته
وكل من يتشنج عند قراءة أي نقد للتجربة الإسلامية ومن يتعصب لفكره ويتشدد في تمسكه بما ورثه عن مجتمعه من معتقدات وينظر إلى ذاته وجماعته بنرجسية ومن يرفض الآخر لمجرد الاختلاف معه وكل من يعتقد أن طائفته هي الفرقة الناجية وأن حزبه يمثل صحيح الإسلام وأن زعيمه قال الحقيقة النهائية
وكل من اعتاد على القراءة الانتقائية والمجتزأة واعتماد أنصاف الحقائق وانتزاع النص من سياقه وتحميل النص ما لا يحتمله وتقويله ما لم يقله أو تحريفه
وكل من يتسرع بإطلاق الأحكام وتستهويه عملية تصنيف الناس ويقرأ ما هو مخزن في ذاكرته فقط وبأحكام مسبقة ونظرة أحادية مغلقة
وكل من يرفض النقد الصريح والشجاع ولا يراه الأسلوب الأمثل للتصويب والتقويم والمراجعة ومن يعتبر أن كل من نقَدَ التجربة الإسلامية إما مستشرق أو عميل أو كافر أو مُضَلل
أولئك جميعا أنصحهم بعدم قراءة هذا الكتاب لأنه لن يعجبهم وربما سيحكمون عليه بالهرطقة والخروج عن ثوابت الدين والتهجم على الإسلام والتجرؤ على المقدس
وإذا كانت الأعمال بالنيات ولا يعلم سرائر الأنفس إلا خالقها؛ فإن كل قصدي من هذا الكتاب هو طرح الأسئلة المحيرة والتفكير بعقلية نقدية للوقوف عند ممارسات الجماعات الإسلامية لتشخيص مكامن الخلل وتصويب الأخطاء والاستفادة من التجارب وتنقية تراثنا مما علق عليه من شوائب وكشف زيف الجماعات السياسية والمسلحة المتسربلة بالدين والتي أول ما أساءت أساءت للإسلام نفسه وبالتالي فإن في هذا العمل دفاعا عن الإسلام الصحيح وإبراز لوجهه الحضاري الإنساني السمح
أما الترهيب الذي اتبعه رجال الدين تاريخيا والذي في ظاهره البراءة والزعم أنه ترهيب من عقاب الله لمن يخرج عن طاعته في جوهره الحقيقي هو ترهيب من رجال الدين أنفسهم؛ أي ترهيب من المؤسسة الدينية الحاكمة التي تستخدم سوط الله لجلد من يخرج عن سلطتها ومن يفكر بالاعتراض ومن ينقب في التاريخ ثم تستخدم من آمن بها واتبعها لترهيب بقية المجتمع وإخضاعه لسلطانها لذلك فإن هؤلاء لا يقدمون الدين بصورته النقية ولا يعرفون الله الرحمن الرحيم الغفور الودود السلام المحب لعباده بل يعرفون إلها آخر المنتقم الذي يعذب من استجاب لضعفة الإنساني ويحرق من فكر خارج الإطار المحدد له
هذا الكتاب يتعامل مع التراث الإسلامي بوصفه تجربة تاريخية صاغها آدميون من لحم ودم وكل ممارساتهم كانت ممارسات بشرية وأفكارهم وتصوراتهم عن الإسلام وتأويلهم للقرآن وفهمهم الخاص للدين إنما هي أيديولوجية بشرية بدليل تعدد نماذجها وتجلياتها وبالتالي كل ما له صلة بهذا التراث يحتمل الصواب والخطأ وقابل للأخذ والعطاء ويحتمل النقاش وهذا المستوى الذي أناقشه يختلف كليا عن الإسلام الدين والعقيدة والرسالة التي لم أتطرق إليها
لذلك كل ما أرجوه أن يُقرأ هذا الكتاب بعناية دون أحكام مسبقة وألا يتم تحميله ما لا يحتمل أو تقويله ما لم يقل حتى لو شكّل صدمة لمن يطلع لأول مرة على هذا النمط من القراءة النقدية
مع التأكيد على أنه مجرد رأي واجتهاد شخصي يحتمل الخطأ والصواب

إسم القسم: .
إسم الكاتب: .
دار النشر: .
سنة النشر: .



إقرا أيضاً