احذر من الكفر الخفي
قال شيخ الإسلام ابن تيمية فَمِنْ شَرْطِ الْإِيمَانِ وُجُودُ الْعِلْمِ التَّامِّ والعلم التام هو العلم الذي يؤدي إلى عمل القلب و الهدف وكلاهما أيضا شرطين في الإيمان فقد يحسب الإنسان أنه يعرف الله ويحبه ويعيش له وفي الحقيقة هو لا يعرف الله ولا يحب إلا الدنيا ولا يعيش إلا للدنيا فهذه ثلاثة أنواع من الكفر الخفي هي كفر الإعراض عن المعرفة التامة وعبادة الدنيا وشرك الإرادة وهذه الأنواع الثلاثة هي كفر يتعلق بالمعرفة التامة والمشاعر والهدف وبالتالي فهي كفر يحدث في القلب وليس في الظاهر وبالتالي لو وقع الإنسان في جميع هذه الأنواع من الكفر فهو عند الناس مسلم لا يؤثر ذلك في الحكم بإسلامه ولا يشك أحد في إسلامه لأنه لا يعلم ذلك إلا الله والإنسان في نفسه رغم أنه يكون مخلدا في النار في الآخرة وبالتالي فهذا الكتاب ليس له أي علاقة لا من قريب ولا من بعيد في الحكم على أحد من الناس فكل من يقول لا إله إلا الله فاشهد له بالإسلام وهذه الأمور الثلاثة تتعلق ببعضها البعض وتحدث معا فالإنسان لو عرف الله لأحبه وعاش له ولو أعرض عن معرفة الله لأحب الدنيا وعاش لها لأنه عندئذ ليس أمامه غير الدنيا البعض يتعامل مع الدين على أنه عبارة عن يقين وأعمال جوارح فقط ولا يعلم هؤلاء أن هناك ثلاثة أشياء قلبية يجب تحقيقها وبدونها لا يدخل الإنسان الجنة وهي المعرفة التامة وعمل القلب تعلق المشاعر بالله والآخرة والهدف أن يعيش من أجل رضا الله والجنة الغرض من الكتاب هو بيان أن هناك أمور تتعلق بمعرفة الله والصلة الروحية بالله قد يحسبها البعض مجرد رقائق ومواعظ رغم أن غيابها يؤدي إلى الخلود في النار وأيضا بيان أن الإنسان قد يكون مسلما في الدنيا لا يشك أحد في إسلامه عند جميع الناس لكنه يكون في الآخرة من أهل النار لوقوعه في أحد هذه الأمور الثلاثة وقد راعينا في هذه المسائل الدقة في الالتزام بمنهج أهل السنة والجماعة والأدلة القاطعة من القرآن والسنة الصحيحة وأقوال العلماء والسلف الصالح أخطر قضية في الدين هي أن يعيش الإنسان في غيبوبة ثم يفيق بعد أن يموت ويكتشف أنه كان غافلا فالغفلة هي سبب وقوع الإنسان في هذه الأنواع الثلاثة من الكفر الخفي ففي هذا الكتاب نبين حقيقة الغفلة التي يعيشها أهل الدنيا ونبين خطرها وكيفية النجاة منها والمادة العلمية في هذا الكتاب مستقاة من نصوص القرآن والسنة الصحيحة المحققة ومن خلال كتب التفسير وأقوال العلماء خاصة شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم والسلف الصالح وأمهات كتب التراث وجميع ذلك محققا وفي شكل منهجي ذو عناصر محددة واضحة وفي إطار منهج أهل السنة والجماعة وأكثر النصوص مستقاة من موقع المكتبة الشاملة على الإنترنت جزي الله خيرا القائمين عليها خير الجزاء فكرة الكتاب نشأت من قول شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى فَمِنْ شَرْطِ الْإِيمَانِ وُجُودُ الْعِلْمِ التَّامِّ فالعلم التام هو علم يجب أن نتعلمه ونعلمه للناس ويجب أن نتعلم الوسيلة التي تؤدي إليه وهي طريقة معينة من التذكير بالله والآخرة بغرض إيجاد الوعي الذي يتحقق به العلم التام والذي يؤدي إلى تعلق المشاعر والهدف بالله والآخرة وهذا هو موضوع الكتاب والعلم التام هو العلم الذي يؤدي إلى عمل القلب كالحب والذل والخوف والرجاء وهو الذي يجعل هدف الإنسان الآخرة وعمل القلب والهدف كلاهما أيضا شرطين في الإيمان فهذه ثلاثة شروط للإيمان نذكرها في هذا الكتاب والمشكلة أن هذه الأمور الثلاثة قد تكون غائبة والإنسان لا يدري ويحسب أنه من المهتدين لذلك اخترنا اسم هذا الكتاب احذر من الكفر الخفي وعبارة العلم التام جعلت العلم نوعين هما علم تام حقيقي وعلم نظري وكذلك المعرفة واليقين أصبحت نوعين تام حقيقي ونظري واليقين النظري هو يقين يصح به الاعتقاد لكن لابد من وجود اليقين الحقيقي الذي ينشأ عنه عمل القلب وهو الذي يجعل هدف الإنسان الآخرة هناك ثلاثة وظائف أساسية في الإنسان وهي المعرفة والمشاعر والهدف فالإنسان يعرف الأمر أولا وبناءا عليه تتأثر مشاعره وينشأ من المشاعر أن يحدد هدفه فالإنسان يعرف الله والآخرة ويؤدي ذلك إلى حب الله والذل له وخوفه ورجاءه فيؤدي ذلك أن يجعل هدفه أن يعيش لله حبا وذلا وخوفا ورجاءا فهناك كفر يتعلق بالمعرفة وكفر يتعلق بالمشاعر وكفر يتعلق بالهدف الكفر المتعلق بالمعرفة هو كفر إعراض عن المعرفة والكفر المتعلق بمشاعر الإنسان هو عبادة الدنيا عدم تأثر مشاعر الإنسان بالله والآخرة وتعلقها بالدنيا والكفر المتعلق بالهدف هو شرك الإرادة هذه الأمور تحدث معا ولكن الترتيب على صورتين 1 إما أن يعرف الإنسان الله والآخرة أولا فيؤدي ذلك إلى أن يحدد هدفه وتتأثر مشاعره وهذا هو الترتيب الصحيح عند الإنسان العاقل 2 أو يحدد هدفه أولا فيجعله للدنيا وبناءا عليه يقوم بإلغاء معرفته بالله والآخرة وبالتالي لا تتعلق مشاعره إلا بالدنيا فيقع في الأنواع الثلاثة من الكفر الخفي