ابن مسرة لـ الشيخ كامل محمد محمد عويضة
ابن مسرة من أوائل فلاسفة الأندلس ذوي النزعة الصوفية ومعلوماتنا عن تاريخ حياته قليلة وقد ذكرت بعض المصادر التي ترجمت له أنه ولد سنة 269 ه 883 م في قرطبة وكان أبوه تاجرا يذهب إلى آراء المعتزلة وكان صديقا لأحد معتزلة الأندلس وهو خليل الغفلة وقيل إن أباه زار البصرة في المشرق وكانت آراء المعتزلة وغيرها من الأراء الكلامية والفلسفية معروفة في الأندلس آنذاك نتيجة اتصال بعض مفكري الأندلس بالشرق وقد تعلم ابن مسرة علوم الدين على أبيه على طريقة المعتزلة بما تنطوي عليه من عناصر فلسفية وقد توفي أبوه سنة 286 ه 899 م وكان ابن مسرة في السابعة من عمره وقد أثر عنه في هذه السن المبكرة التمسك والزهد والاعتزال هو وعدد من الأصدقاء والمريدين في دويرة بجبل قرطبة وقيل إنه كان يعلمهم آراء المعتزلة في القدر وأن نعيم الجنة وعذاب النار لا يتعلقان بالبدن وإنما بالنفس ونسب إليه القول بوحدة الوجود على مذهب الانباذ وقلية المنحولة وآراء أخرى اعتبرت الحادية ومع ذلك سكتت السلطات عنه إلا أن فقيها مالكيا من ذوي النفوذ يدعى أحمد بن خالد الحباب حمل عليه حملة عنيفة وألف في الرد عليه كتابا وهنا نجد ابن مسرة يخرج من الأندلس قاصدا الحج بصحبة اثنين من تلاميذه هما محمد بن المديني وابن صقيل القرطبي ونزلوا جميعا القيروان ومنها توجهوا إلى مكة ونزلوا بها على أبي سعيد ابن الأعرابي المتوفى سنة 341 ه وهو أحد تلامذة الجنيد ولكن أبا سعيد لم يرض عن آراء ابن مسرة فصنف كتابا في الرد عليه وليس من شك في أن ابن مسرة فصنف كتابا في الرد عليه وليس من شك في أن ابن مسرة قد استفاد من رحلته هذه علما بمختلف المذاهب الصوفية والكلامية إلا أن ابن مسرة عاد بعد ذلك إلى قرطبة حيث اعتزل مرة أخرى في دويرته بالجبل وأخذ يبث تعاليمه سرا في خاصة تلاميذه وفي صورة رمزية وكان هو وتلاميذه يظهرون للفقهاء ما يخالف حقيقة تعاليمهم الفلسفية ولذلك تعارضت فيه الأقوال كما يذكر ابن الآبار بين وصفه بالإمامة في العالم والزهد والزندقة وقد توفي في دويرته سنة 319 ه 931 م وله من العمر ما يقارب الخمسين عاما