أبناء الديمقراطية
بعد أيام من انتهاء هجمة قوات التحالف على العراق بمزاعم مختلفة وخلال إحدى جولاتي بين باعة الكتب القديمة اشتريت مجموعة من الكتب بمبلغ أظنه أرضى البائع فجاملني بمجموعة من كتي كهدية وضعها في كيس من البلاستيك الأسود وبعد أن وصلت إلى البيت أخرجت الكتب التي اشتريتها وقمت بتصنيفها لأضع بعضها في المكتبة و البعض الآخر أضعه في متناول يدي لأقرأه ونسيت أمر الكيس البلاستيكي الأسود ومرت أسابيع وهذا الكيس ملقى إلى جوار المكتب حتى سألتني زوجتي هل تريد هذا الكيس فسألته عما يحتويه وعندما فتحته ابتسمت ثم ناولته لي وهي تقول كتب كالعادة أخذت الكيس وأخرجت ما بداخله من كتب وكانت جميعها بلا أغلفة كأن هناك من تعمد نزع أغلفتها وكانت أوراقها صفراء متآكلة الحواف تصفحتها تباعا وإذا بعيني تقعان على هذه السطور على سبيل الإهداء باسم الذين كتب عليهم الموت لأنهم جحدوا مبادئ الديمقراطية باسم من قضى نحبه وباسم من ينتظر باسم الدماء الزكية الطاهرة التي تخضبت بها رمال الصحراء في آسيا وأفريقيا باسم الدماء التي سفكها السفاحون فسالت أنهارا باسم الشعوب التي اندثرت صروح ماضيها وطواها الاستعمار في ردائه القاتم فحق على أهلها لعنة قبور الآباء والأجداد باسم يوم الوعيد المنتظر الذي تخشع فيه الأرض رهبة وتفتح السماء جميع أبوابها لتستقبل الملايين من أرواح البشر ذلك هو يوم حصاد الأرواح على يد أبناء الديمقراطية وعندئذ قررت قراءة هذا الكتاب الرواية لأكتشف أنه بمثابة محاكاة ساخرة لواقعنا الراهن من هجمة غربية على العراق وتدخل في شئون الدول والتلاعب بمصائر الشعوب وخاط الدين بالسياسة والكلام عن الديمقراطية كأنها اكتشاف واستخدام المساجين والبلطجية كجنود في الحروب وكرجال شرطة في المظاهرات وفاجأني هذا المؤلف المجهول بالنسبة لي بإدراكه العميق للمفارقات الشائنة التي تتبدى ليس للمتأمل بل لكل شخص قادر على التساؤل وبعد الإنتهاء من قراءة هذا الكتاب الرواية قررت كتابة رواية بعنوان أبناء الديمقراطية متناصا معها في الجانب التاريخي الساخر وكذلك قررت إهدائها إلى هذا المؤلف المدهش الذي استطاع قبل عدة عقود ان يكتب مستشرفا ما سنواجهه بكل هذه المرارة والسخرية